بسم الله الرحمن الرحيم
غوص وتزلج على المياه وتسلق للجبالالمنتجعات السياحية في الفجيرة تروي ترف الفرار إلى الطبيعةبمجرد التفكير بإجازة نهاية الأسبوع أو قضاء عطلة ولو قصيرة مع أفراد الأسرة، تحتل الفجيرة قائمة المدن التي يقع عليها الاختيار. وهذا الكلام كما ينطبق على أهل البلاد والمقيمين، فإنه يشمل السياح الذين باتوا يتوافدون بكثرة إلى هذه المنطقة المتلألئة بغنج عند الساحل الشرقي. وعدا عن المنتجعات السياحية ذائعة الصيت، تحتل الطبيعة أهم عوامل الجذب هناك والتي تجمع بين زرقة المحيط الهندي والكثبان الرملية المنتشرة على طول الطريق وكأنها نحتت للتو. أما سلسلة الجبال الشامخة والتي تصبغ المكان بألوان الأرض والصحراء، فهي تروي أسطورة عمرها بعمر الزمن. كل ذلك وأكثر منه يمنح الفجيرة مكانة خاصة ويضفي عليها هالة من التميز تثير دائما الفضول لاكتشاف المزيد.
ما أكثر المعالم الفاتنة في هذه المدينة التاريخية المسيجة بأشجار النخيل والتي قد تكون اكتسبت هدوءها من الحصون والقلاع الأثرية. وهي على الرغم من حداثة عهدها على الخريطة السياحية، غير أنها تمكنت في فترة قياسية من كسب ثقة أعداد هائلة من المجموعات السياحية. ومما يميزها تلك الشعاب المرجانية قبالة سواحلها والتي تضم عدداً كبيراً من فصائل الأسماك النادرة. وقد برزت ملامح الرفاهية في المدينة مع افتتاح منتجع “لو مريديان - العقة” نهاية عام 2002 الذي اعتبر وقتها فأل خير على المنطقة، وكرت بعده سبحة المرافق السياحية فئة الخمس نجوم. والمتجول بسيارته هناك يمر بعدة فنادق لكل منها خصوصيتها في الشكل الخارجي والهندسة الداخلية. بينها منتجع “جال” المصمم على الطريقة اليابانية، ومنتجع “روتانا” المشيد بأسلوب يكشف أكبر قدر من المناظر الطبيعية، ومنتجع “ميرامار” المسترخي على الشاطئ بتصميمه المغربي.
ذاكرة المكان
على بعد 90 دقيقة من دبي وفي قلب المنطقة التي دخلت بثقة ضمن كتيبات الشركات السياحية، نبدأ جولتنا من ذاكرة المكان بمنتجع “لو ميريديان” الذي منح شاطئ العقة شهرته. وعلى مرأى من رمال البحر الذهبية وقبل الانحدار بالسيارة إلى الشارع المؤدي إلى المنتجع، نتلفت حولنا للوقوف عند سر هذا المكان الواصل سحره ليس فقط إلى إمارات الدولة، وإنما كذلك إلى الكثير من البلدان البعيدة. ولا يستغرق الأمر منا وقتاً طويلاً لنكتشف سبب النجاح الذي سارت على نهجه المرافق الأخرى، فطبيعة المكان الجغرافية فريدة في كل شيء. ويكفي أن سلسلة جبال الحجر الأخاذة تحوط بمنطقة المنتجعات الممددة على شاطئ المحيط الهندي، في مكان يولي الخصوصية والراحة أهمية كبرى.
عند البهو الرئيسي تقدم لنا مضيفة الاستقبال عصير البرتقال الطازج الذي يمنحنا جرعة انتعاش للتجول بنشاط بين مرافق الفندق والتعرف على وسائل الترفيه فيه. ولعل أول ملاحظة نسجلها هناك، نظافة المكان واللمسات الفنية الواضحة على الحديقة الخضراء التي تضم واحداً من أكبر أحواض السباحة في المنطقة. ومع أننا توجهنا أولاً إلى الشاطئ للتجول عنده قبل أن ينتصف النهار وتشتد حرارة الشمس، غير أن توقعاتنا لم تكن في محلها، فالجو هناك لطيف في النهار كما هو في الليل. والشعور بالنسيم العليل ممكن دائماً بفضل الجلسات المظللة والمتوافرة في الأرجاء، سواء حول برك السباحة أو على الرمال أو عند المنعطفات المؤدية إلى المستوى السفلي حيث النادي الصحي.
سكون الجدران
نصل إلى النادي الصحي الذي يتضمن قاعة الرياضة المطلة على الصخور الجبلية وقسم “السبا” الغارق باللون الأزرق. وهناك يصلنا إحساس بالاسترخاء نابع من سكون الجدران المنعزلة كلياً عن المحيط الخارجي. وهذا أكثر ما يتمناه المتجه إلى شاطئ العقة حيث مستوى الخدمات العلاجية، يتعدى المستحضرات المستخدمة ليدخل في تفاصيل التقنيات المتبعة لطرد أي نوع من أنواع التشنج واستعادة نقاء الروح.
التمتع بأفضل مواقع الغوص والغطس ليست الميزة الوحيدة للفندق مع أنها الأبرز. فالفندق الذي يضم 218 غرفة لكل منها شرفة فسيحة تطل على البحر، يوفر مختلف أنواع الترفيه لكل فرد من الأسرة. وكما يحرص على أفضل الأجواء لضيوفه من رجال الأعمال من خلال قاعات الاجتماعات، فإن للصغار حصة جيدة من المكان. وفي ركن فسيح، يقع نادي البطريق “بينجوين كلوب” الذي يعمل على تحفيز وتنشيط مخيلة الأطفال من عمر 4 سنوات وحتى12 سنة. ويشرف فريق المتخصصين على مختلف أنواع الأنشطة كحلقات الرقص ومسابقات البحث عن الكنز.
وتشمل الفعاليات الترفيهية في النادي كرة السلة للصغار وتفجير البالونات ومنافسات بناء القلاع الرملية والرياضات المائية. أما الأنشطة الأكثر هدوءاً فتشمل مسابقات الرسم وتشكيل الورق وألعاب التركيب والرسم على الوجوه. ويقدم النادي كذلك خدمة جليسة الأطفال مساء، وذلك للأهالي الراغبين بترك أطفالهم في أياد أمينة، فيما هم يستمتعون بما تقدمه مطاعم المنتجع وأنشطته.
مطعم “جونو”
وللشباب قسم خاص، لمممارسة شتى أنواع الرياضات بما فيها كرة الطائرة وكرة الطاولة والألعاب الإلكترونية، وكذلك مشاهدة أفلام السينما المناسبة لسنهم. ومن الأنشطة الترفيهية التي يوفرها المنتجع، التجديف وممارسة رياضة اليوجا، إضافة إلى رحلات الغوص والرياضات المائية والشاطئية، ومنها كرة الطائرة والقوارب والعجلات المطاطية والتزلج على الماء، والرحلات بالقوارب ورحلات الصيد، ورحلات السباحة والغوص والقارب بالقاع الزجاجي وملاعب الجولف. أما أفضل الأماكن لاجتماع الأسرة، فهي المطاعم المنتشرة ما بين الداخل وعند الشاطئ. ويضم الفندق ثمانية منها تقدم مختلف الأطباق المتخصصة، منها المطعم الإيطالي والمطعم التايلندي “تيست”، والهندي “سواد” والإيطالي، ومطعم البوفيه “فيوز” الغني بالمأكولات البحرية. وأحدثها مطعم “جونو” الذي تم تشييده منذ أشهر مباشرة عند الشاطئ . المطعم اتخذ اسمه من إعصار “جونو” الذي ضرب خليج عمان قبل 3 أعوام ووصلت آثاره المدمرة إلى شاطئ العقة. وهو من أكثر الأماكن استقطاباً للزوار وخصوصاً على وجبة العشاء، لما يوفره من أجواء حية بفضل الفرقة الموسيقية التي تعزف عند كل طاولة ما يرغب الضيوف بسماعه.
تزلج على الماء
على بعد خطوات من “لو ميريدان - العقة” ومشياً على الأقدام دخلنا إلى منتجع وسبا “روتانا” والذي يعتبر اختياراً ممتازاً لكل من يبحث عن مكان هادئ، يضج في الوقت نفسه بالحياة وبالرياضات النشطة. واللافت هناك أن أعلى نقطة في الفندق لا تتجاوز ارتفاع 4 طوابق، والمقصود بذلك ألا يعيق مبنى الفندق رؤية الجبال المجاورة. وقد روعي عند تصميم المنتجع أن يشعر الزائر بأنه وسط مساحة كافية تمكنه من الاسترخاء والحصول على كل ما يتمناه من وسائل ترفيه بأقل مجهود ممكن. يضم الفندق 250 غرفة يقع معظمها في المبنى الرئيسي الذي يواجه الشاطئ. ومن أكثر المرافق الممتعة منصة القفز عند حوض السباحة للكبار والمزالق المائية عند بركة الصغار. ويوفر المركز البحري “ووتر وورلد” مجموعة من الألعاب الرياضية، بما فيها استخدام القوارب والزورق الجلدي للتزلج على الماء وفرصة صعود الجبال بالدراجات الهوائية. وكذلك ملاعب “التنس” و”السكواتش” ومركز اللياقة ونادي الأطفال. ومن مطاعم الفندق، “ذا وايفز” و”موزاييك” الذي يقدم المأكولات البحرية وأصناف المشاوي، والطعام الشرق أوسطي والصيني والهندي.
وعلى مسافة غير بعيدة انتقلنا بالسيارة إلى منتجع “ميرامار” الذي يعد من أحدث المنتجعات على شاطئ العقة. وقبل الوصول إلى باحته الخارجية، شعرنا بعبق خاص يفوح من المكان، وأذهلتنا هندسته المعمارية الأنيقة. تم بناء المنتجع على الطراز المغربي الذي تغلب عليه الصبغة الخشبية ومبدأ القناطر. وهو يوفر لضيوفه كافة مزايا الفخامة التي يبحثون عنها بعيداً عن ضجيج المدن. ويمتد على طول 200 متر من الشاطئ ويوفر رحلات صيد السمك واكتشاف معالم الإمارة. وفيه 3 مطاعم رئيسية ومقهيان يمتازان بأجوائهما الهادئة.
روائع البحار
في طريق العودة توقفنا عند منتجع “جال” الذي تم تشييده قبل 3 أعوام. جذبنا إليه موقعه الاستراتيجي في منطقة الفقيت بدبا، وشاطئه الذي يمتد على مساحة 500 متر. الفندق الذي تديره شركة الخطوط الجوية اليابانية، يعتبر أول علامة فندقية يابانية تفتح أبوابها في الشرق الأوسط. وهو يتألف من 7 مبان يغلب على جدرانها اللون الوردي وتتنوع بين غرف وأجنحة وشقق فندقية يصل عددها إلى 275، إضافة إلى نادي الغطس، و7 مطاعم عالمية. يبعد المنتجع عن دبي 130 كيلومترا ويقدم اختياراً واسعاً من المطاعم التي توفر المأكولات العربية والآسيوية، والمتوسطية، إضافة إلى الأطباق اليابانية وأشهرها “السوشي”، وسواها من الأصناف التي يحضرها الطهاة العالميون. ويمنح المنتجع هواة المغامرة والمنافسة والاستكشاف، فرصة خوض الرياضات المائية من خلال مركز الغطس والاستمتاع بروائع ما تحت البحار و كذلك رحلات الصيد والاستجمام.
مميزات سياحية
تتمتع إمارة الفجيرة بطبيعة غنية وساحرة تكللها سلسلة الجبال والشواطئ الرملية، وترويها في الشتاء الشلالات والوديان الجارية والواحات الخضراء المبتلة. وهي مشهورة بينابيعها الحارة والباردة والمعدنية. تطل الفجيرة على خليج عمان، وتعتبر شواطئها من أجمل شواطئ الدولة. وهي توفر الرياضات البحرية المتعددة كالغوص والتزلج على المياه والصيد في المياه العميقة، وكلها هوايات تجذب السياح. ومن أشهر المناطق السياحية فيها العقة ودبا وكلباء.
أهم المرافق
أهم المرافق السياحية في الفجيرة حديقة عين مضب التي تحتوي على المياه المعدنية للاستشفاء، وعين الغمور المعدنية الواقعة في منطقة جبلية رائعة يقصدها السياح ومن يعانون من أمراض الروماتيزم وآلام الظهر والمفاصل. وكذلك القرية التراثية بما فيها من أدوات الماضي وأساليب الري القديمة، والمتحف الذي يحتوي على المقتنيات الأثرية المكتشفة في الإمارة والتي تنتمي إلى العصر البرونزي قبل 4500 عام. وقلعة البثنة، ومسجد البدية وهو من أقدم المساجد في الدولة، ويكشف من أعلى أجمل المناظر للمزارع والجبال المحيطة بالمكان. ووادي حام وهو أكبر وأطول الوديان الجارية، إذ ينبع من منطقة مسافي ويجري بمسافة 30 كيلومتراً. ومن الوديان هناك، وادي زكت، الوريعة، الطويان، سيجي، دلم، والحيل.
قيد الإنشاء
من المنتجعات قيد الإنشاء في الفجيرة، منتجع “انتركونتننتال” والمتوقع افتتاحه بعد سنتين. يقع على شاطئ العقة ويتمتع بمناظر مفتوحة على بحر العرب من جهة الشرق. التصميم الهندسي للمنتجع مستوحى من التراث العربي ويتضمن بعض عناصر النمط المعماري للساحل الشرقي، مما يجعله منسجماً مع البيئة الطبيعية المحيطة. يضم المشروع 291 غرفة ونادياً صحياً وقاعة استجمام ومسبحاً في الحديقة، ومركزاً للغطس وقاعات للمؤتمرات والفعاليات وصالة للحفلات وقاعات للولائم وتسهيلات لرجال الأعمال ومحلات تجارية ومواقف سيارات، إضافة إلى سلسلة متنوعة من المطاعم.